الإثنين 29-04-2024
الوكيل الاخباري
 

السرطان لم يغلبهم .. ناجون اردنيون يروون قصصاً ملهمة ويتحدثون عن احلامهم

3 (23)


الوكيل الإخباري - ليلى القرشي

في شهر حزيران من كل عام، يحتفل العالم بالشهر العالمي للناجين من السرطان، حيث يعبر الناجون فيه عن قوتهم وإرادتهم بعد أن تم تشخيصهم بالمرض واجتيازهم مراحل العلاج حتى تمكنوا من التغلب على السرطان والتخلص منه.

اضافة اعلان


وروى اردنيون من مختلف الأعمار لـ الوكيل الإخباري" تفاصيل معركتهم مع المرض بدءًا من لحظة اكتشافهم المرض، مرورًا بمراحل العلاج المختلفة، وصولاً إلى نجاتهم بعد إجراء عمليات استئصال الأورام السرطانية من أجسادهم ، منهم طفلة تحلم بأن تصبح طبيبة معالجة للاورام السرطانية واخرى تحلم بدخول عالم الأزياء واخرى بدأت مشروعها الخاص بالاعمال اليدوية  ليكونوا بذلك مصدر ضوءا و إلهامًا لغيرهم وخصيصاً لمن تم تشخيصه حديثاً بالمرض .


الطفلة سلمى صالح، البالغة من العمر 9 أعوام امتازت بقوتها وإرادتها كناجية من السرطان في العام الماضي .


بدأت سلمى ، والبالغة من العمر 5 أعوام آنذاك، تعاني من آلام في المعدة وأعراض نزلة برد، وتفاقمت أعراضها لتشمل ارتفاعًا في درجة الحرارة، وتشنجًا في الأطراف، وتدفق رغوي من فمها، وفقدان التوازن. وصفت والدتها هذه الأعراض قائلة: "كانت طفلتي لا تستجيب لي ولا تنظر بعيناي وتحرك يديها بشكل عشوائي".


وتكمل والدتها : "راجعنا الطبيب، حيث تبين ارتفاع عدد كريات الدم البيضاء لديها، وتم توجيهها لتلقي مضادات الحمى والكورتيزون. ومع عدم استجابتها للعلاج، أُجريت لسلمى صورة طبقية ورنين مغناطيسي للدماغ، وتم اكتشاف وجود ورم كبير في منطقة حساسة بالدماغ يضغط على الأعصاب."


بصمود وعزيمة، قالت والدة سلمى: "صدمت عندما سمعت هذا الخبر، خاصةً أن الأعراض ظهرت فجأة، وأخبروني أن هذا من أندر أنواع السرطان". لم تستسلم سلمى، بل نقلت إلى مؤسسة الحسين للسرطان، حيث رافقها أطباء ماهرون وأخبروها بأنها بحاجة لجراحة عاجلة، لأن العلاج الكيميائي والخزعات لن يكونا فعّالين.


وبعد خضوعها للجراحة الأولى، تكللت عمليتها بالنجاح . وأفاد الأطباء أن الورم السرطاني كان حميدًا، ولكنهم نصحوها بإجراء فحوصات دورية للتأكد من عدم عودة المرض. وعبرت والدتها عن فرحتها الكبيرة التي شعرت بها بعودة ابنتها بصحة جيدة وسلامة.


ولكن في شهر حزيران من العام 2021، عاد الورم لسلمى عندما بلغت سبع سنوات من العمر. أجريت لها عملية جراحية ثانية، وتمت استئصال الورم السرطاني بنجاح. أعلمها الأطباء أنها تمت بسلامة، وعادت لمدرستها في الصف الرابع. يتم متابعتها بشكل دوري، ويحمل والديها الأمل في عدم عودة المرض.


سلمى تحدثت عن مرحلة المرض، أجابت بقوة وتفاؤل: "الحمد لله، عندما يختبر الله شخصا، يريد أن يعرف مدى قدرته على التحمل، وأنا أعلم أن الله يحبني". وعندما سئلت عن حلمها للمستقبل، أجابت سلمى بأنها ترغب في أن تصبح طبيبة تعالج الأورام السرطانية وتساعد المحتاجين.


بدوره ، اوضح الدكتور ماهر أحمد عليان، استشاري جراحة الدماغ والأعصاب، والمشرف على حالة الطفلة سلمى لـ " الوكيل الإخباري" ، أن هناك نوعين من الأورام السرطانية، الحميد والخبيث، والنوع الذي أصيبت به سلمى يُعرف باسم "ورم نجمي دبقي"، وهو أحد أندر أنواع سرطانات الدماغ.


وأضاف أن أعراض الأورام الحميدة تظهر في مراحل متأخرة، وعندما يصبح حجم الكتلة كبيرا في الشخص المصاب، ولذلك يتم اكتشافها في مراحل متأخرة، بينما تظهر أعراض الأورام الخبيثة بشكل أسرع، وتشمل الصداع والقيء ونوبات التشنج.


وفي قصة نجاة اخرى ، تحدثت والدة جود محمد، البالغة من العمر 15 عاما، عن بداية مرضها وتجربتها في مواجهة سرطان الدم الحاد، المعروف أيضًا باسم "لوكيميا الدم الحاد". وفي سن العامين والنصف، تم اكتشاف إصابتها بهذا النوع الخبيث من سرطان الدم.


وقالت والدتها أن جود عانت في بداية المرض من آلام شديدة في المعدة تزداد خلال الليل، وشعرت بالخمول الشديد، بالإضافة إلى تغير لون لثتها إلى اللون الأسود وارتفاع في درجة الحرارة وصلت إلى 40 درجة مئوية. وبناءً على ذلك، قررت والدتها مراجعة الطبيب، وبعد إجراء خزعة، تم اكتشاف إصابتها بسرطان الدم الخبيث.


وتحدثت والدتها عن مرحلة العلاج التي خضعت لها جود، حيث أكدت أنها تلقت مختلف أنواع العلاجات بما في ذلك العلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي لمدة ثلاث سنوات. ولسوء الحظ، أصيبت جود بمرض الجدري خلال فترة العلاج، مما اضطرها للدخول إلى وحدة العناية المركزة. وعبرت والدتها عن تقديرها لموسسةالحسين للسرطان خلال فترة العلاج، حيث قدم الأطباء الدعم والرعاية اللازمة لجود وجميع الأطفال المصابين بالسرطان، من خلال توفير الألعاب والأنشطة الترفيهية.


وبعد مضي تسع سنوات من تجاوز جود المحنة، تستعيد ذكريات مرحلة مرضها ومراحل العلاج بكل قوة وإصرار و تواصل جود إجراء الفحوصات الدورية للتأكد من سلامتها. وفي الوقت الحالي، تدرس في الصف الثامن وتحمل حلما كبيرا في داخلها؛ حيث تتطلع لأن تصبح مصممة أزياء مستقبلاً.


وشاركت السيدة لبنى 35 عاماً ، قصة نجاتها والتي تهم الكثير من النساء  بنبرة مليئة بالتفاؤل والأمل حيث كانت في عمر 27 عامًا عندما أخبروها بتشخيصها بسرطان الثدي منذ عام 2015 وعاشت فترة طويلة من العلاجات وكانت تحاول دعم نفسها وأسرتها بشكل كبير وتقول لهم إنها بخير.


تذكرت لبنى بداية مرضها، حيث اكتشفت وجود كتلة في الثدي الأيسر بدون أي ألم. بعد الفحوصات والاختبارات، تبين أنها مصابة بسرطان الثدي الخبيث في مرحلته الأولى. استقبلت هذا الخبر بعزيمة وتصميم، لكن الصدمة كانت كبيرة على أفراد أسرتها، خاصة وأنهم لم يكونوا يعانون من سابقة تاريخية للإصابة بالسرطان.


لبنى قالت أنها بدأت مرحلة العلاج الكيميائي والإشعاعي والهرموني، وخضعت لعملية جراحية جزئية لاستئصال الورم، وتم أخبارها بأن العملية تكللت بالنجاح وتمت إزالة الورم في عام 2016.


واستمرت قصة لبنى، حيث في عام 2020 ظهر ورم جديد في الثدي الأيمن ، وبعد الفحوصات، تبين أنها كانت كتلة حميدة وليست سرطانية، ولكن كانت في مرحلة حرجة كانت قد اوشكت على التحول إلى سرطان. وقد أعربت لبنى عن الامتنان لاكتشافها المبكر للورم من خلال الفحوصات الدورية التي كانت تجريها وشددت على أهمية الفحوصات للكشف المبكر عن أي إصابة.


وفي الشهر التاسع من عام 2020، عاد الورم السرطاني للظهور في الثدي الأيسر وبذات المنطقة ، وأفادت بأنها لم تشعر بوجوده بصورة واضحة، وتم اكتشافه خلال الفحوصات الدورية التي عادت لتأكد على اهميتها . وقالت هنا ممازحة : "أنا لم أصب بكورونا في عام 2020، ولكنني أصبت بالسرطان".


وتابعت ، نتيجة لذلك، قام الأطباء بإجراء استئصال كامل للثدي الأيسر، وأعلنوا نجاح العملية في نوفمبر من عام 2020. وأكدت لبنى أنها تخضع لفحوصات دورية للتأكد من عدم عودة المرض.


لبنى أكدت أن العلاج الهرموني أثر في نفسيتها، ولكنها استقبلت ذلك بكل عزيمة وإرادة. في فترة العلاج، كانت تستغل وقتها في إعداد التطريزات اليدوية، وهي موهبتها، وتقوم بتحضير الهدايا لمرضى السرطان وبينما كانت على سرير العلاج، حيث كان يُمنَع حضور أفراد العائلة في غرفة المستشفى بسبب جائحة كورونا في ذلك الوقت


وعبرت لبنى قائلة: "لما رأيت شعري يتساقط، كان الأمر صعبًا، ولكنني احب أن أمضي قدمًا ولا ألتفت إلى الوراء، وتأقلمت مع شكلي وبدأت أرى جماله. إن الله يعطينا القدرة على مواجهة المعارك ويمنحنا القوة للصمود، والحمد لله أنا الآن بحالة جيدة".


درست لبنى الهندسة المدنية وعملت في هذا المجال لمدة تقارب العشر سنوات. وفي الوقت الحالي، قامت بإطلاق مشروعها الخاص في إعداد التطريزات اليدوية من الصوف. وأكدت أنها بدأت هذا المشروع كجزء من مبادرة قامت بها لصنع هدايا وألعاب لمرضى السرطان.


وهنا اثبتت سلمى (9 أعوام) وجود (15عاماً )، ولبنى (35 عاما)، أن مرض السرطان لا يستطيع أن يُضعف الإرادة ولا يكسر الآمال، ولا يستطيع التغلب على الروح القوية والإرادة. هم كانوا قصصاً ستسهم في مد نور الإلهام وضوءاً للآخرين للتغلب على المرض لرسم الاحلام وتحقيق الاماني .


نسأل الله أن يشفي جميع مرضى السرطان ويسكن قلوبهم السكينة ويخفف عنهم حدة العلاج.