السبت 2025-08-09 11:32 م
 

من هو جاسوس الاستخبارات المركزية الأمريكية الذي أحبط مشروع تايوان النووي؟

غراي تشانغ مع اثنين من أبنائه
غراي تشانغ مع اثنين من أبنائه
 
09:25 م
الوكيل الإخباري-   يبدو غراي تشانغ الرجل الثمانيني كمسن عادي يقضي أوقات فراغه في ملاعب الغولف، لكن خلف هذه الصورة الهادئة تكمن قصة تجسس دولي غيرت مجرى تاريخ الأمن في آسيا والعالم.اضافة اعلان


تشانغ الذي كان يُعرف سابقاً بالعقيد تشانغ هسين يي، كان مهندساً نووياً رفيع المستوى ضمن البرنامج السري لتطوير الأسلحة النووية في تايوان خلال السبعينيات والثمانينيات، قبل أن يتحول إلى جاسوس يعمل لصالح وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية.

بدأ البرنامج النووي التايواني في أواخر الستينيات باسم "مشروع هسينشو"، حيث استُخدمت منشأة للطاقة النووية كغطاء لتطوير قنابل نووية سرية. جاء ذلك في سياق تصاعد التوترات مع الصين، التي أصبحت في 1964 خامس دولة نووية بعد تفجير قنبلة في صحراء شينجيانغ، ما جعل تايوان تشعر بتهديد وجودي. كانت تايوان تعتمد على الدعم الأمريكي الذي نشر أسلحة نووية على أراضيها، لكنها سعَت إلى امتلاك قدرة نووية مستقلة تضمن لها رادعاً أقوى.

انضم تشانغ إلى البرنامج النووي عام 1970، وظهر في البداية كمن يؤمن بحتمية امتلاك تايوان لسلاح نووي، إلا أن تطورات سياسية وأخلاقية غيرت موقفه. فقد رأى أن الشعبين التايواني والصيني يشتركان في أصل واحد، وأن تصعيد التسلح بينهما قد يؤدي إلى كارثة داخلية لا مبرر لها.

مع ترقيه في المناصب، بدأ يتواصل سراً مع وكالة الاستخبارات المركزية، زودها بمعلومات استخباراتية مفصلة ساعدت واشنطن على الضغط على تايوان لإيقاف البرنامج النووي.

كان عام 1986 نقطة تحول بعد كارثة تشيرنوبيل، حيث ازداد وعي تشانغ بمخاطر الأسلحة النووية، مما عزز قناعته بضرورة وقف السباق النووي في المنطقة. في 1988، وبينما كان موظفاً كبيراً في معهد تايوان لأبحاث الطاقة النووية، استقال فجأة وبدعم من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، فر إلى الولايات المتحدة مع عائلته، مستقراً في البداية بماريلاند ثم في إيداهو مستخدماً اسمه الجديد "غراي" كمواطن أمريكي، وعمل في مختبر أبحاث نووي.

على الرغم من حياته الجديدة، ظل تشانغ مطارداً في تايوان وأُدرج على قوائم المطلوبين، ووصفه البعض بالخائن الذي دمر خط الدفاع التايواني. في المقابل، دافع عنه خبراء دوليون مثل ديفيد ألبرايت، الذي أكد أن مساهمته حالت دون حدوث سيناريو نووي كارثي في مضيق تايوان.

حتى اليوم، لم تكشف وكالة الاستخبارات الأمريكية عن كامل تفاصيل دوره، وبقيت القضية سرية إلى حد كبير. غراي تشانغ نفسه يرفض تصنيفه كبطل أو خائن، ويقول إن دوافعه كانت أيديولوجية بحتة، ولا يسعى لأن يكون ناشطاً مناهضاً للأسلحة النووية، لكنه يؤكد أن أفعاله كانت ضرورية للحفاظ على السلام والأمن في المنطقة.

قصة غراي تشانغ ليست مجرد حكاية تجسس أو مهندس نووي، بل نموذج حي لتقاطع السياسة والأمن والأخلاق في عالم متغير تزداد فيه مخاطر الأسلحة النووية. بينما تبقى تايوان بعيدة عن امتلاك الأسلحة النووية اليوم، تستمر المخاوف من تأثير التصعيد النووي العالمي، وسط انهيار معاهدات قديمة وتصاعد سباق تسلح جديد.

روسيا اليوم
 
 
gnews

أحدث الأخبار



 
 





الأكثر مشاهدة