الخميس 18-04-2024
الوكيل الاخباري
 

أكثر من إيران واحدة



تتمدد إیران في العالم العربي، وتقف الولایات المتحدة وبریطانیا وإسرائیل، عاجزة امام تمددھا، فقد راھنت طھران على الوقت، واستثمرت في ساحات كثیرة، مما جعلھا في موقع اقوى بكثیر من كل الذین یھددونھا الیوم.اضافة اعلان


آخر المعلومات، سفر وفد فلسطیني من حركة حماس إلى إیران، وھذا تطور خطیر، یصب في مصالحة حماس أیضا للنظام السوري، وتقویة موقع حركة الجھاد الإسلامي أیضا في غزة الأقرب إلى إیران، وما یمثلھ حزب الله في لبنان، واذا كانت التصنیفات المذھبیة ما تزال سائدة بین قوى المنطقة، الا ان إیران ھنا، تستقطب اتجاھات مغایرة مذھبیا، في سیاقات مشروع اكبر، یتعلق بترتیب المعسكر الإیراني في كل المنطقة العربیة، ضد واشنطن وإسرائیل معا، وللمفارقة فقد ترك العرب، حماس، وتم تجریمھا، وعزلھا، ولم یتركوا امامھا من باب نجاة سوى العودة إلى الحضن الإیراني والسوري، برغم علاقات حماس مع مصر وقطر، وھي علاقات قد تخفف جزئیا، من الاندفاع نحو طھران، لكنھا لن تمنعھ.

في كل الأحوال تبدو إیران برغم انسحاب الولایات المتحدة من الاتفاق النووي، في وضع اقوى، اذ انھا قادرة على الرد عبر الخلیج العربي، ومضیق ھرمز، مثلما رأینا في حادثة احتجاز الناقلة البریطانیة، وربما وصولا إلى اغلاقھ كلیا، وھي التي نفذت عملیات ضد سفن تجاریة في مناطق مختلفة، وھذه ساحة أولى، وھي قادرة على الرد عبر العراق، وعبر سوریة، وتحدیدا من خلال الجولان، وضد إسرائیل، وقادرة على الرد عبر لبنان، بواسطة حزب الله، ضد إسرائیل، وقادرة على الرد عبر الیمن، بواسطة جماعة الحوثیین وصواریخھا التي یتم اطلاقھا على دول عربیة، وقادرة على الرد عبر البحر الأحمر، وباب المندب، ھذا فوق الشبكات الأمنیة السریة في دول عربیة، وفي عواصم افریقیة حصرا، وفي أوروبا وأمیركا، ثم فوق كل ھذا عبر غزة، والتحالف العلني الیوم، بین حماس والجھاد الإسلامي، من جھة، وطھران من جھة ثانیة.

كیف سمحت الولایات المتحدة لإیران بالتمدد على مدى عقود حتى وصل تأثیرھا إلى ھذه القوة، التي تعد قوة غیر مسبوقة في منطقة حساسة، وھي قوة ستبقى فاعلة حتى لو افترضنا تدمیر طھران بقنبلة نوویة أمیركیة، لان الساحات البدیلة التي صنعتھا إیران، لیست مجرد ساحات بدیلة اقل كفاءة وضعیفة، لكنھا على الاغلب ساحات قویة، توازي الأصل من حیث البرنامج وربما التسلیح العسكري، والاستعداد حتى لسیناریو شطب إیران عن الخریطة، الذي سیؤدي إلى اعلان اكثر من ”إیران عربیة“ نیتھا الانتقام والرد، وھذا السؤال یبحث عن إجابة.

علینا ان نعترف ھنا، ان واشنطن في مشھد التوتر الجاري في المنطقة، اجبن من ان ترد، خصوصا، ان الرئیس الأمیركي یقترب من الانتخابات، وھو لا یضمن حمایة جنوده في العراق، ولا حمایة ھذه المنطقة، ولا حتى امن إسرائیل، التي تبدو ھي الأخرى مذعورة، كونھا تدرك انھا لیست امام طرف مركزي واحد یمكن تصفیتھ والانتھاء منھ، بل امام نظریة جدیدة، قائمة على صناعة اكثر من سبع ساحات مركزیة وبدیلة مؤھلة للرد في حال تعرضت إیران لضرر، وھي العراق وسوریة ولبنان وغزة والیمن ومضیق ھرمز وباب المندب، فوق المخفي والمستور في دول أخرى عربیة وغیر عربیة.

ما یمكن قولھ استخلاصا، ان الأدلة كثیرة، على ان الملف الإیراني، لیس سھلا، ویشكل اكثر من صداع للولایات المتحدة، ویبدو واضحا ان الإیرانیین، الذین صنعوا اكثر من إیران واحدة، في مناطق عدة، استعدوا جیدا لھذا التوقیت، بما یجعلنا امام مشھد یتجاوز الاثارة التقلیدیة، إلى تحد كبیر، ویختلف عن كل التجارب السابقة.