الجمعة 29-03-2024
الوكيل الاخباري
 

الأفغان في الأردن توطين أم عبور؟



ثارت عاصفة الشكوك في الأردن، بعد الإعلان عن قدوم 2500 أفغاني، الى هذه البلاد، في سياقات عمليات ترحيل الولايات المتحدة للمتعاونين معها في أفغانستان، والواضح ان عقدين من الوجود الأميركي في أفغانستان، كشف عن تعاون عشرات آلاف الأفغان مع الاميركيين، خلال هذه الفترة.اضافة اعلان


الذي يقرأ التعليقات حول آلاف الأفغان القادمين الى الأردن، يكتشف بكل بساطة ان الرواية الرسمية لا يصدقها احد، وهذا هو ثمن غياب الثقة بشكل متراكم، على مدى سنين، اذ على الرغم من أن الجهات الرسمية أعلنت ان تواجد هؤلاء سيكون مؤقتا ولن يتم منحهم صفة اللاجئين، وانهم في طريقهم الى الولايات المتحدة، بعد فترة قصيرة، وسيخضعون للعزل في مواقع محددة، الا ان التشكيك بالرواية الرسمية هو الغالب، وهذه ربما أصبحت عادة يومية لدينا، لكنها أيضا نتجت عن غياب مصداقية الحكومات في تجارب سابقة، والأدلة على ذلك كثيرة.

أبرز التعليقات تتحدث هنا بشكل محدد، وتقول لماذا لم ترسلهم واشنطن مباشرة الى الولايات المتحدة، بدلا من استراحتهم في هذه البلاد، وماذا لو اكتشفت الولايات المتحدة لاحقا ان هناك أخطاء فنية، ولم تتمكن من ترحيل الكل الى الولايات المتحدة، وهل سيبقى احد من الأفغان في الأردن، وكيف يمكن تحديد المدة القصيرة التي تتحدث عنها الجهات الرسمية، وما هو سقفها الأعلى، وكيف يمكن ان يقبل الأردن هذا العدد، ويقول ان لا كلفة مالية عليه، ومن سيغطي الكلف المالية، من علاج، ودواء، وغذاء، ومواصلات، وغير ذلك، وكم سوف تستغرق العمليات الفنية لترحيل هؤلاء؟.

في الأردن اكثر من 35 جنسية لاجئة، ويحتضن ثاني أكبر نسبة في العالم من اللاجئين مقارنة مع عدد المواطنين بعد لبنان، حيث إن واحدا من بين ثلاثة من سكان الأردن هو لاجئ، وبيننا يعيش اخوة واشقاء عرب ومسلمون، من كل مكان، من اليمن، الى ليبيا، مرورا بسورية، والعراق، وغير ذلك، والإحصاءات الرسمية الصادرة عن الجهات الحكومية، ثم تلك الإحصاءات الصادرة عن المؤسسات الدولية، ترصد هذا المشهد، لكن هناك نقصا في المعلومات، أحيانا، جراء عدم توثيق كثير من اللاجئين لوجودهم في الأردن، عبر التسجيل في المؤسسات الدولية والاردنية.

الأردنيون لا يكرهون أحدا، لكن التساؤلات تنصب حول اكثر من فكرة، ابرزها ان هذا البلد يعاني من قلة المال والموارد، ويكفيه ما فيه، ولا يحتمل كلف أزمات الآخرين، اكثر من ذلك، وهو برغم فقره وظروفه، الا انه لا يعتدي على احد، فأنت لا تسمع عن إيذاء أردني واحد لأي شقيق عربي، مثلا، ولغو الكلام الذي يعبر عن ضنك العيش، لا يتحول الى أذى، كما نرى في دول ثانية، ولدى شعوب تتجرأ على من تقطعت بهم السبل، وفروا بمالهم وعرضهم، بحثا عن حاضنة أمان.
في قصة الأفغان يبدو الامر مختلفا، فمن زاوية محددة لا يريد الأردنيون موجة لجوء جديدة، قد تبدأ بكونها موجة ترحيل، وتتحول تدريجيا، الى موجة توطين، لأسباب لوجستية، بحيث يصير بقاء هؤلاء اجباريا، بشكل او آخر، وهو الامر الذي نفته الجهات الرسمية، مرارا، وأكدت ان الأردن هنا محطة عبور، وليس استقرار، والزاوية الثانية هي تحسس الأردنيين من طبيعة هوية هؤلاء، فهم بالمعيار الشعبي، ليسوا أبرياء، او غادروا صونا لدمهم او عرضهم، كما حال كثرة من اشقائنا العرب والمسلمين، إذ إنهم في الاغلب من جماعة الولايات المتحدة في أفغانستان، بما يعنيه ذلك، لدى كثيرين، من حيث كونهم كتلة بشرية لها صلاتها مع القوات الأميركية.

في كل الأحوال، سوف ننتظر ترحيلهم، ومن جانبي أود أن أصدق الرواية الرسمية، لأن عكسها، حساس للغاية، وكل ما علينا فعله هذه الأيام، عد الأيام، وانتظار مغادرتهم القريبة كما يقولون.
الأردن يرحب بكم، يافطة طريق المطار الشهيرة، تقول أكثر بكثير، من ظاهرها الموجه للمسافرين العاديين الواصلين الى الأردن، فهي اليافطة المسيّسة والملغزة، الأكثر غموضا في هذه البلاد.