الثلاثاء 07-05-2024
الوكيل الاخباري
 

لا تقعوا معي ..!!



اعتبروه تهديدا، ووعيدا، إن شئتم، بيننا أنا أعتبره تنويرا فيه جانب من تحذير.. وأستند في زعمي هذا لحكم محكمة سابق، حيث ترافع عني قاضي المطبوعات والنشر الأستاذ المحامي المعروف محمد القطيشات في واحدة من القضايا، التي تم تسجيلها ضدي وضد جريدتنا الراشدة الكبيرة، على خلفية واحدة من مقالاتي، وقد تضمنت المرافعة الشهيرة (بالنسبة لي).. تضمنت عبارة مهمة، ربما استند عليها القاضي في إعلان براءتي من تلك التهمة، التي لا أتذكرها نصا، لكنها متعلقة باستخدامي لألفاظ قاسية ضد تلك الجهة التي انتقدتها في تلك المقالة، أما العبارة التي استخدمها المحامي الشهير فهي (عرف عن الكاتب جزالة الفاظه الزاجرة وقوة لغته وقسوتها، فهو لم يستخدمها تحديدا في المقالة موضوع الدعوى، بل هذا اسلوبه في كتابته)، لكن معلوماته كلها صحيحة وموثقة ولم تتجاوز حدود المهنية..اضافة اعلان

معنى الكلام: يا ويله اللي بيقع بساحتي.

هل أركن إلى هذه السابقة وأشرع بالافتراء والتبلي والإساءة للناس؟! .. بالطبع لن أفعل فهذا ليس هو العمل الصحفي، ولا هذا دور الصحافة ورسالتها، فالمهنية والمعلومة الصحيحة والحقيقة، من أهم ما يميز العمل الصحفي الذي نقتنع به ونعتبره مقدسا، لا سيما إن تم تسخيره لتنوير الناس بالحقيقة، وتتعاظم قداسة هذا العمل، حين ينطبق على مصالح بلد ووطن، وناس..
اسوق كل هذه المقدمة، لأنني لا نية لدي للاعتذار عن دفاعي المعروف عن قانون الجرائم الإلكترونية على امتداد مراحل تناوله في الحوار العام، ثم الجدل الماراثوني بشأنه وشأن إقراره فيما بعد.. حتى اليوم، فقد دافعت عن أهمية وجود هكذا قانون، من أجل الإساءات الكثيرة عبر الانترنت وتطبيقاته ومواقع التواصل الاجتماعي والمهني والاقتصادي وغيرها، والتي طالت الشأن العام، وثقة الناس بالدولة، واقتنعت بأهمية وجود مثل هذا القانون من أجل مهنة الصحافة المقدسة، التي تآكلت كثيرا وضعفت بسبب تنطع كثيرين بمهمة ومهنة صحفي، مع ترحيب بمتسلقي المهنة، ترحيب غير متوازن ولا منطقي وغير وطني البتة.
اليوم ثمة قانون ينظر في الجرائم الإلكترونية، وقد لبى جزءا كبيرا من المطلوب وطنيا ومهنيا في نشر الحقيقة والتعامل مع ادواتها، لكن كما هي العادة في كل قانون جديد من نوعه، ثمة ثغرات ومشاكل وتناقضات وقصور.. لم تكن واقعة بالحسبان، ونحن اليوم ندفع ثمن مثل هذه الثغرات..

هل لديكم فكرة عن حجم الجرائم الالكترونية، بل القضايا المتعلقة بالجرائم الالكترونية والمنظورة أمام القضاء؟.. هل تعلمون بأن أغلبها متعلق بلهو الأطفال بوسائط ووسائل التواصل وصغر حجم عقول اولياء أمورهم؟ من باب الحكمة المستوحاة من المقولة (مجنون رمى حجرا في بئر لن يستطيع 100 عاقل إخراجه)..
وهل لديكم علم بأن جهل الأطفال وقلة معرفة الكبار باستخدام هذه الوسائل والتطبيقات، هما أهم اسباب تكاثر هذه القضايا؟.. كلها قضايا مستحدثة تتنامى وتتكاثر على هامش هذا القانون، وباتت تسيطر على جلسات المحاكم وأوقات القضاة، وتزيد الحياة تعقيدا بين الناس.. حيث نعلم جميعا بأن مستوى تفكير الناس متفاوت، وكذلك ردود أفعالهم، وتفاعلهم مع الثقافات الجديدة.. بل إن هناك طبقات من المجرمين، يشغلون القضاء والناس بقضايا لم يكونوا ليفتعلوها لولا علمهم المتفرد بالقانون وبأحكام القضاء وإجراءات التقاضي.. يستطيعون «اتهامك» او حتى «تلبيسك» جريمة، وتدفع استقرار حياتك ثمنا لها.. والأمثلة كثيرة على الكيديات والعداوات والشر المستطير النابت حولها.
هل يمكننا القول بطمأنينة بأن لدينا قضاة ومحامين خبراء بالجرائم الالكترونية، ويمكنهم النظر في كل قضاياها، وهل حقا علينا الإكتفاء بنصوص القانون المكتوب والتغاضي عن خبرة فنية تكنولوجية و»برمجية»، يجب توافرها في أهل القانون المختص بالنظر والحكم بالجرائم الإلكترونية..!!.

أقول كل هذا مع أكيد علمي بأن عنوان المقالة جاذب، لكنه كبير وخطير جدا (واقف)، بينما فكرة المقالة تنويرية، ولا علاقة لها بالتهديد والوعيد، ومع ذلك «لا تقعوا معي».