الجمعة 26-04-2024
الوكيل الاخباري
 

باب الحارة ،، تجربة اجتماعية بين الاستمرار وضياع الشكل الحقيقي

4350bbbf-1534-4cc8-bdf6-3637f5a93214


الوكيل الإخباري - أنس عشا - شهد العالم العربي طوال الأعوام الـ 17 الماضية حالة درامية استثنائية ومثيرة للجدل تتمثل بمسلسل البيئة الشامية باب الحارة بمواسمه الـ 12 والذي شهد شعبية كبيرة في شتى أنحاء المنطقة، وربما حصد  المشاهدة الأعلى بتاريخ الدراما السورية، فكان المسلسل صاحب المخرجين الخمسة ؛ والذي كان سيطلق عليه " عودة سعاد " قبل اعتماد اسمه الحالي، وخطط حينها أن يتم تقديمه بجزئين لسيناريو كتبه مروان القاووق وأخرجه الراحل بسام الملا، إلا أنه امتد لـ 12 موسم وللحكاية بقية، فما هي أبرز نقاطه الخلافية ومحطاته ؟!

- في أي موسم ضعفت القصة ومتى كان يجب أن تتوقف؟!

اضافة اعلان


رغم أن الجو العام في الشارع العربي رفض امتداد المسلسل لأكثر من 5 مواسم، إلا أن السيناريو حمل قيما متعددة وحبكة مثيرة حتى الموسم السابع، فكانت القضية المجتمعية بالإضافة لمقاومة الإنتداب الفرنسي حكاية الموسمين الأول والثاني، ليتفرغ العمل بعد ذلك لمواجهة الانتداب بالمواسم التالية بسياق مؤثر وممتع و متضمنا لاسقاطات تنطبق على الحال السوري بالفترة الأخيرة، فيما أخذ الموسمان السادس والسابع بعدا  سياسيا تاريخيا كبيرا متمثلا بأهمية وضع الخلافات الداخلية جنبا عند مواجهة العدو الخارجي، وتسليط الضوء على طريقة منح الانتداب الفرنسي أقليم الإسكندرون لتركيا و اقتطاعه من سوريا في ذلك الوقت .


القصة الدرامية بعد ذلك بدأت بالتراجع فعلا، وخصوصا بداية من الجزء التاسع وبات بالإمكان وصفها بأنها وصلت لحد الملل وغياب الحبكة الحقيقية وبات منحصرا تقريبا بقضايا الزواج، فهنالك شخصيات تزوجت 4 مرات في العمل " مثل فريال"،  بالإضافة لاتهام صناع العمل بالاستخفاف بالمشاهد؛ فالخطأ الذي وقع به المخرج الراحل بسام الملا باستخدام الفنانة القديرة منى واصف بدورين مختلفين، تكرر بصورة غريبة جدا في الموسم العاشر وما تلاه، لنشاهد العديد من أصحاب الأدوار السابقة يظهرون بأدوار جديدة، بالإضافة للنقطة الخلافية الأولى بالعمل منذ الموسم الأول والسبب الأبرز لتراجعه وهي كثرة التبديل على الوجوه؛ فهنالك أدوارا لعبها 3 ممثلون وأكثر.

- دراما إجتماعية وطنية أو كوميديا! ؟
من الأمور التي منحت المسلسل شعبية كبيرة ولكنها بالوقت ذاته أخرجته من سياقه كان كثرة الأدوار الكوميدية في العمل، فبعد أن اقتصر الظهور الكوميدي بالمواسم الأولى على عائلة أبو بدر وفوزية ( الفنان محمد خير الجراح والفنانة ليلى سمور قبل استبدالها بشكران مرتجى) أصبح الحضور الكوميدي متفرعا لشخصيات النمس، تنكة، ابو نحلة وزوجته،  ابو جودت، مزيان، أبو مشعل وزوجته والقائمة طويلة، كما أن الشخصيات الدرامية بأغلبها لعبت مشاهدا كوميدية وهو أمر أفقد المسلسل جديته في الكثير من الأوقات وخصوصا المشاهد ذات الرسائل الهامة؛ مثل جنازة " أبو شهاب " وما صاحبها من تعليق كوميدي من شخصية أبو بدر بما لا يتناسب مع السياق الدرامي للمشهد .

- إسقاطات تاريخية والتراجع عنها لاحقا ،، أم تعدد الرؤى الإخراجية ؟!


بالطبع فإن مرور العمل على 5 مخرجين بداية من الراحل بسام الملا، وشقيقه مؤمن الملا، وعزام فوق العادة، وناجي طعمة وصولا لمحمد زهير رجب، ومروره على عدد مقارب من المؤلفين وأكثر من شركة إنتاج غير من صورته كثيرا، فالمظهر المُنتقد لأعمال الراحل الملا برسمه الحارة الشامية التي تستهدف مرحلة قبل ما يقل عن 100 سنة وكأنها حارة غائبة عن أشكال التطور والتعلم بدون أي ثقافة أو فنون وتمنع نسائها من كشف وجوههن أو الحديث والتدخل بجوانب الحياة بما يتنافى مع حقيقة بلاد الشام " بشكل عام" في ذلك الوقت والتي كانت تشع ثقافة وفنونا رغم الإحتلال  ، تم التراجع عنه بداية من الجزء العاشر فظهر التنوع بملابس الشخصيات والعمل المشترك بالإضافة لظهور المسرح، الموسيقى والسينما وإن كان ذلك بصورة غريبة لم تكشف سبب انقلاب ونمط حياتها.


وقد يكون ذلك الإنقلاب نوع من محاولة المخرج رجب تصحيح مسار من سبقوه، فالمجتمع الشامي كان أكثر تفتحا بحكم وجود الجامعة وحياة المدينة التي تفرض الاختلاط بالعمل والدراسة وغيرها من جوانب الحياة بالطبع مع مراعاة العادات والتقاليد التي بقيت بالمسلسل بصورة مقبولة وبدون مبالغة الأجزاء الأولى، بينما يعتبر البعض ان هذا التغيير على نمط الحياة كان بسبب مرور الزمن وتغير الحارة، فحارة الصالحية مختلفة عن حارة الضبع التي احتضنت الأجزاء التسعة الأولى.

نجوم راحلون ،، و نجوم برزوا


لم يكن رحيل النجوم عن المسلسل بسبب الخلافات فقط، بل غاب الكثير من  الممثلين البارزين عن سلسلة باب الحارة بسبب وفاتهم، ليكون العمل أشبه بحلقة الوصل بين جيل درامي أنهى مسيرته وجيل صاعد برز بصورة كبيرة في السنوات القليلة الماضية وكان باب الحارة بوابتها للنجومية و الطريق الأسرع لذاكرة المشاهد الذي استقبل تلك الوجوه بسلاسة كبيرة .


ومن بين الأسماء البارزة التي رحلت عقب انتهاء ادوارها في باب الحارة أو أثناء عملها في العمل : حسن دكاك، سليم كلاس، عبد الرحمن آل راشي، محمد رافع والذي وافته المنية بعمل إرهابي، وفيق الزعيم، رياض الورداني، أدهم الملا، عصام عبه عصام عبه جي، زهير رمضان، محمد الشماط، مأمون الفرخ بالإضافة للمخرج بسام الملا.

 

كما قدم المسلسل العديد من الوجوه الشابة وبعضها ظهر في باب الحارة لأول مرة، ومنها : غابرييل مالكي، وائل شرف، رشا التقي، أدهم بسام الملا، شمس الملا، ماسة الجمال، براء الزعيم، فداء كبرا، مصطفى الخاني، ليا مباردي والقائمة تطول.

السلسلة مستمرة
رغم عدم الرضى الجماهيري إطلاقا عن الأجزاء الأخيرة لباب الحارة وإعتبارها بعيدة عن العمل الحقيقي للمسلسل، وباتت عملا منفصلا يتكرر فيه ممثلو الأجزاء السابقة بأدوار جديدة، وبحبكة درامية غير منطقية في ظل غياب الأبطال السابقين وغياب مصيرهم وتغير أسلوب الحياة والعديد من العادات التي كان يتم بناء الأحداث عليها، إلا أن الشركة المنتجة وصناع العمل يؤكدون أن السلسلة مستمرة وبالعديد من المواسم المقبلة، فهل نشهد عودة شخصيات سابقة مثلما حصل بالمواسم الأولى ؟!